دعوة لآحداث هيئة سرية أستخباراتية ضمن استخبارات الجبل ( أرشيف الدم والذاكرة )

دعوة لإنشاء جهاز استخباراتي سرّي في دولة جبل الدروز، لتوثيق الجرائم والانتهاكات بحق أبناء السويداء وحفظها في “أرشيف دم وذاكرة” لا يزول. هذا الجهاز لا يُعنى ب

 دعوة لآحداث هيئة سرية أستخباراتية ضمن استخبارات الجبل 

  ( أرشيف الدم والذاكرة )  

 

إنّ التجارب المريرة التي مرّت بها الشعوب، وخاصةً شعب جبل الدروز في السويداء، علّمتنا أنّ العدالة قد تتأخر، غير أنّها لا تسقط بالتقادم، ما دامت هناك جهة تحفظ الذاكرة الجماعية وتصون الأدلة وتوثّق الجرائم بلا هوادة. في ظلّ الانتهاكات المتكررة التي شهدتها المنطقة مؤخّراً – من مجازر وخطف ونهب قرى – تبرز الحاجة الملحّة إلى إنشاء هيئة استخبارات عميقة ضمن استخبارات دولة جبل الدروز، ليكون جهازاً سرياً ومنظّماً، قادراً على بناء قاعدة بيانات متكاملة حول كل من تورّط في سفك الدماء أو التآمر على أبناء السويداء. هذه الهيئة ليست مجرّد ردّ فعل عابر، بل أرشيف دائم يحوّل الجرائم من أحداث منسية إلى أدلّة حيّة،وذراعاً عميقاً يمتدّ إلى الأعماق ليحمي الجبل ويُمهّد لساعة الحساب.

 1. جوهر الفكرة 

المقصود هنا ليس جهازاً عسكرياً جديداً يُثير الفتنة، ولا حركة آنية مرتبطة بانفعال اللحظة، بل مؤسّسة استخباراتيّة تُعنى بالتوثيق الدقيق وجمع البيانات بشكل منظّم ومستدام. في دولة جبل الدروز، التي أصبحت واقعاً يُدافع عنه الشيخ حكمت الهجري وأبناء الجبل، يأتي هذا الجهاز كحجر أساس للذاكرة التاريخيّة والعدليّة والسياسيّة. فهو يُشكّل قاعدة بيانات شاملة، محميّة بأحدث التقنيّات الرقميّة، تُسجّل كل تفاصيل الجرائم – من مجازرالسويداء الأخيرة إلى حالات الخطف على طريق دمشق – لتصبح مرجعاً يُرجَع إليه في أيّ وقت، سواء لملاحقة قضائيّة أو فضح دوليّ أو مساءلة اجتماعيّة. هذا الأرشيف ليس مجرّد سجلّ، بل سلاح استراتيجيّ يمنعطمس الآثار ويحافظ على حقوق الضحايا، مستلهماً تجارب شعوب أخرى نجحت في تحويل الذاكرة إلى قوّة.

 2. مهام أساسيّة 

تتركّز مهام هذه الهيئة على بناء قاعدة بيانات شاملة، تُدار باحترافيّة عالية وسرّيّة تامّة، لتكون النواة الرئيسيّة لاستخبارات الجبل. ومن أبرز هذه المهام:  جمع الأدلّة والوثائق: يشمل ذلك صوراً فوتوغرافيّة، تسجيلات فيديو وصوتيّة، شهادات شهود عيان، تقارير طبّيّة وقضائيّة، وكلّ ما يُثبت الجريمة بشكل لا يقبل الطّعن. في سياق مجازر السويداء، على سبيل المثال، يُسجّل كلّ حالة خطف أو نهب، كتلك التي حدثت قرب قصر المؤتمرات، مع ربطها بأدلّة مادّيّة لتكون جاهزة للتقديم أمام محاكم دوليّة.  توثيق الهويّات والبيانات الشخصيّة: يُغطّي ذلك أسماء المتورّطين، أماكن إقامتهم الحاليّة والسابقة، أدوارهم في الجرائم (مباشرة أو غير مباشرة)، تحالفاتهم السياسيّة أو العشائريّة، ومساراتهم الجنائيّة. يُركّز على كلّ فئة، من قادة العصابات إلى المتواطئين في الانتهاكات، ليُشكّل خريطة كاملة للشبكات الإجراميّة التي تهدّد الجبل.  بناء قاعدة بيانات شاملة: تُصمّم هذه القاعدة باستخدام أنظمة إلكترونيّة آمنة، مدعومة بذكاء اصطناعيّ لتحليل الروابط بين الأحداث، لتكون المرجع الأساسيّ عند الحاجة إلى عمليّات ملاحقة. في دولة جبل الدروز، يمكن ربطها بتقارير المرجعيّات الروحيّة، مثل تلك المتعلقة ببعثة الأمم المتّحدة لتقصّي الحقائق، لتعزيز مصداقيّتها الدوليّة.  التحديث المستمرّ: لا يقتصر العمل على مرحلة أوّليّة، بل يستمرّ بجمع المعطيات الجديدة من مصادر ميدانيّة وإعلاميّة، مع تحديث الروابط والتحليلات، ليبقى الأرشيف حيّاً وفعّالاً ضدّ أيّ محاولات للنسيان أو التلاعب.هذه المهام تجعل الهيئة ذراعاً عميقاً، يمتدّ إلى الشبكات الخارجيّة، مستفيداً من الدعم الدوليّ كبعثات الأمم المتّحدة، ليُحوّل التوثيق إلى أداة للدفاع عن الكرامة.

 3. سرّيّة التنظيم 

إنّ نجاح هذا المشروع يتوقّف أوّلاً وقبل كلّ شيء على سرّيّته التامّة، فلا يمكن لهيئة كهذه أن تعمل بعلنيّة تُعرّضها للتّجاذبات السياسيّة اللحظيّة أو التسريبات الضّارّة. يجب أن تكون هيئة مغلقة تماماً، محصّنة بآليّات أمنيّة دقيقّة تشمل تشفير البيانات، تدريب العناصر على الولاء المطلق، وإجراءات للكشف عن الخونة داخليّاً. ترفع تقاريرها مباشرة إلى قيادة استخبارات الجبل، دون وسيط، وتُدار من مراكز سرّيّة في أرجاء الجبل، مستلهمةً مبدأ “يا فوق الأرض بكرامة، يا تحت الأرض بكرامة” الذي يُجسّد الروح الدرزيّة. هذه السرّيّة ليست رفاهيّة، بل ضرورة للحفاظ على الفعاليّة، خاصّة في وجه التحدّيات الخارجيّة كالتدخّلات الإقليميّة أو الضغوط الدوليّة.

 4. الأثر المستقبليّ 

قد يتوهّم البعض أنّ هذا العمل مجرّد تسجيل للأحداث الماضيّة، لكن الحقيقة أنّه سلاح استراتيجيّ بعيد المدى، يُغيّر مسار التاريخ في دولة جبل الدروز:  يحرم المجرم من طمس آثاره: بفضل القاعدة الشاملة، يصبح كلّ محاولة للنكران باطلة، كما في حالات الخطف الأخيرة حيث طُلب فدية بمئات الآلاف، مُثبّتة بشهادات وتسجيلات.  يضمن حفظ حقوق الضحايا: يُحيي أسماء الشهداء في الذاكرة الجمعيّة، كالطّفل صالح عكوان الذي واجه الجهاديّين بيديه العاريتين، ليبقوا رموزاً للصّمود لا أرقاماً تُنسى.  يُمهّد لمرحلة العدالة: سواء عبر محاكم داخليّة أو مساءلات دوليّة، أو حتّى عقوبات اجتماعيّة تُعزل المتورّطين، كما في دعوات الشيخ الهجري لحقّ تقرير المصير المقدّس.بهذا، يصبح الأرشيف أداة للبناء الوطنيّ، يُعزّز الوحدة الدرزيّة ويحمي الجبل من الانتهاكات المستقبليّة.

 5. البعد الأخلاقيّ 

إنّ إنشاء هذا الأرشيف ليس عملاً استخباراتيّاً بحتاً، بل واجب أخلاقيّ ينبع من العهد الدرزيّ بالكرامة والعدل. دماء الشهداء في السويداء ليست أرقاماً تُمحى، بل أمانة يجب أن تبقى حيّة في سجلّ لا يُمحى، يُذكّر الأجيال بأنّ الصّمت جريمة، والتوثيق شهادة. في ظلّ التحدّيات الوجوديّة، يُجسّد هذا الجهاز الروح الدرزيّة: الولاء للجبل، الحفاظ على الذاكرة، والإيمان بأنّ العدالة تأتي لمن يُعدّ لها.باختصار: إنّ تأسيس هيئة سرّيّة متخصصّة بجمع البيانات، تحت مظلّة استخبارات الجبل، سيجعل من كلّ جريمة ملفّاً، ومن كلّ ملفّ سلاحاً، ومن كلّ اسم علامة لن تُمحى. وهكذا تتحوّل دماء الأبرياء من مأساة عابرة إلى قضيّة خالدة، تسير بالعدل نحو ساعة الحساب، محافظةً على كرامة دولة جبل الدروز و أبنائه

  بسام قريشي   ✍️              

 


Bassam Karishy

22 Blogg inlägg

Kommentarer