كطائر العنقاء انا لا أكبر إنما اتجدد من رمادي ...دوما هناك سؤال يباغتنا نحن النساء ..كم عمرك ؟..سؤال له أثر على بعض النفوس وكأنه طعمة خفيفة تتسلل نحو عمق الذات ..وكأن السنوات خطيئة ترتكبها المرأة في حق أنوثتها ...لماذا الا يحق لها الحياة عندما تكبر ...هل الحياة مقتصرة علىى عمر الثلاثين أو العشرين ٕ؟في مجتمعاتنا هناك دوما فكرة تمجد الشباب وتقصي كل من تجاوزت الثلاثين ؟...فتحاصر من تجاوزت الأربعين ...وتهمش من تخطت الخمسين ...وتقتل من وصلت الستين ...اما تلك السبعينة فهي في تعداد الموتى .يقولون عنها انها ميتة ٕ؟..يشيعونها إلى هامش الحياة وكأنها انتهت ....أو كأنها سلعة وانتهى تاريخ صلاحياتها ؟..
متى سندرك أن المرأة لا تقاس بسنوات حياتها .إنما بعملها بخبرتها بعطاؤها اللامتناهي بحنانها بقلبها بروحها ...بحضورها بقيمة التجارب التي منحتها للزمن ..
فقط في مجتمعاتنا يعلن للمرأة تاريخ انتهاء وهمي وموعد غير معلن لاسقاطها من حسابات الأنوثة والحضور ...
أما في المجتمعات المتحضرة التي تحترم وتقدر المرأة وترفع من شأنها ..فكل عام تقضيه المرأة هو عام متجدد للحياة ..هو عيد للحكمة للنضج للوعي ..وتراكم التجارب ..
المرأة هناك تعيش حياتها بعمق وامل ..بينما نحن هنا نربطها بحبل الخوف من الغد ومن تقدم العمر ..والهاجس الذي نطبعه في عقلها ..متى يشيب شعرها ٕٕ؟...متى تنطفئ عيناها ؟...ومتى يتبدد سحرها ؟...وينحني ظهرها ؟...
عليك ايتها المرأة العزيزة ان لا تقبلي بهذا الاجحاف بحقك ؟
ولا تسلمي زمام قيمتك إلى مجتمع متخلف عقليا ..ولا إلى رجل يختزلك في رقم معين أو في اسم يختاره هو لك ..ويتناسى اسمك الحقيقي ...
فلتعلمي عزيزتي الانثى أن سنواتك لا تسرق حضورك ..بل تضيف إلى قامتك شموخا جديدا وكبرياء وتألق ساحر..فلا تستسلمي لتاريخ صلاحية لا وجود له إلا في عقولهم المتجمدة ..
فالاعمار ارقام يا عزيزتي ...لكن الوجود حضور والق وعزة وكبرياء ..فالمرأة الحقيقية لا تقاس بعدد الشموع على الكعكة ..وان كان هناك كعكة ...بل تقاس بكمية النور الذي تبثه في أرواح من حولها ..وبمقدار العبير الذي تنشره على من تحبه ..
كوني سيدة عمرك ..لا ضحية سنواتك ..وإن سئلت يوما عن تاريخ ميلادك ..ابتسمي وقولي لهم ..انا ابنة هذه اللحظة ..ولدت الآن ..وتاريخ ميلادي هو كل يوم أعيشه .
مذكرات امرأة